فصل: باب النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتُهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ وَلَا حَالَتْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ زَالَتْ بِجَرْيِهِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَعُلِمَ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَا يَطْهُرُ مَحَلُّهَا عَنْ الْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ لِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ مُغْنِي قَالَ سم وَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ تَصِحُّ النِّيَّةُ قَبْلَ السَّابِعَةِ فَأَجَابَ م ر بِعَدَمِ صِحَّتِهَا إذْ الْحَدَثُ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِالسَّابِعَةِ فَلَابُدَّ مِنْ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهَا وَعِنْدِي أَنَّهَا تَصِحُّ قَبْلَهَا حَتَّى مَعَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلَّ غَسْلَةٍ لَهَا مَدْخَلٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِأَوَّلِ الْغُسْلِ الرَّافِعِ وَالسَّابِعَةُ وَحْدَهَا لَمْ تَرْفَعْ إذْ لَوْلَا الْغَسَلَاتُ السَّابِقَةُ عَلَيْهَا مَا رَفَعَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
وَأَقَرَّهُ ع ش.
(قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَسْبِيعِهَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ السَّابِعَةِ يُحْكَمُ بِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ لَا قَبْلَهُ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ بَعْدَ السَّابِعَةِ إلَى تَطْهِيرٍ عَنْ الْحَدَثِ بَصْرِيٌّ.
(وَمَنْ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ (وَ) نَحْوِ (جُمُعَةٍ) أَوْ عِيدٍ بِنِيَّتِهِمَا (حَصَلَا) أَيْ غُسْلُهُمَا وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ إفْرَادَ كُلٍّ بِغُسْلٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الظُّهْرُ وَسُنَّتُهُ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفُ بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالْخُطْبَةِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ الْمَسْنُونُ فِي الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَمِنْ ثَمَّ تَيَمَّمَ لِلْعَجْزِ عَنْهُ بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ حَصَلَتْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ تُنْوَ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَاجِبِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَكَذَا عَكْسُهُ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ أَوْ أَحَدِ نَفَلَيْنِ فَأَكْثَرَ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ حَصَلَ الْآخَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ سُقُوطُ طَلَبِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ.
(قُلْت وَلَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ) أَوْ وُجِدَا مَعًا (كَفَى الْغُسْلُ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ وَلَا رَتَّبَ أَعْضَاءَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ فِي الْأَكْبَرِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَفَى أَنَّ الْأَصْغَرَ اضْمَحَلَّ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ وَهُوَ كَذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ) إنْ كَانَ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ إحْدَاهُمَا بِتَأْنِيثِ إحْدَى فَقَوْلُهُ حَصَلَ أَيْ غَسْلُ تِلْكَ الْإِحْدَى.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ غَلَطًا حَصَلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ.
(قَوْلُهُ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ أَمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا تَتَضَمَّنُ الْآخَرَ أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْمُحْدِثِ بَلْ لَوْ كَانَا عَنْ نَذْرَيْنِ اُتُّجِهَ عَدَمُ حُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَفَى) فِي شَرْحِ م ر، وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى. اهـ.
(قَوْلُهُ إفْرَادُ كُلٍّ بِغُسْلٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَعَمِيرَةَ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ لِلْجُمُعَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) بِأَنْ قَدَّمَ الْكُسُوفَ ثُمَّ خَطَبَ وَنَوَى بِخُطْبَتِهِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ بِنِيَّةٍ) أَيْ لِلظُّهْرِ وَسُنَّتِهِ وَلِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَةِ الْكُسُوفِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ) أَيْ مَعَ عَدَمِ مُسَاوَاةِ الْمَسْنُونِ الْغَيْرِ الْمَنْوِيِّ الْوَاجِبَ الْمَنْوِيَّ أَيْ فِي الْمَقْصُودِ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَلَبِيُّ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا أَطَالَ بِهِ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ تَيَمَّمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ بِصَلَاةٍ وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ أَمَّا لَوْ نُفِيَتْ فَلَا تَحْصُلُ بِخِلَافِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ وَإِنْ نَفَاهُ لِاضْمِحْلَالِهِ مَعَ الْجَنَابَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ) التَّعْبِيرُ بِهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ شَغْلُ الْبُقْعَةِ وَفِي الْمُخْتَارِ شُغْلٌ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا وَشَغْلٌ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ شَاغِلٌ وَلَا تَقُلْ أَشْغَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ غَلَطًا حَصَلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ سم.
(قَوْلُهُ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ أَمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ فَالْمُتَّجَهُ أَيْ كَمَا قَالَهُ م ر أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا يَتَضَمَّنُ الْآخَرَ أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَنْ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ كَانَ عَنْ نَذْرَيْنِ اُتُّجِهَ عَدَمُ حُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّذْرَيْنِ أَوْجَبَ فِعْلًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْآخَرُ مِنْ حَيْثُ الشَّخْصُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَجَنَابَةٌ حَيْثُ أَجْزَأَهَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الثَّلَاثَةِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَهُوَ إذَا ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهَا ارْتَفَعَ ضَرُورَةً بِالنِّسْبَةِ لِبَاقِيهَا إذْ الْمَنْعُ لَا يَتَبَعَّضُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَفَى بَعْضَهَا لَمْ يَنْتَفِ فَكَانَتْ كُلُّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ ع ش.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ إلَخْ) أَيْ الْمُشْتَرَكَةَ فِي الْمَقْصُودِ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) هَذَا جَارٍ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر لَوْ طُلِبَتْ مِنْهُ أَغْسَالٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَجُمُعَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا حَصَلَ الْجَمِيعُ إلَخْ حُصُولُ ثَوَابِ الْكُلِّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَنْوِهَا ع ش عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمُعْتَمَدُ حُصُولُ الثَّوَابِ أَيْضًا خِلَافًا لِحَجِّ وَمَنْ سَبَقَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ) بَلْ لَوْ نَفَاهُ لَمْ يَنْتَفِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ اضْمِحْلَالِ الْأَصْغَرِ مَعَ الْأَكْبَرِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ) فَالْغُسْلُ عَنْ الْأَكْبَرِ فَقَطْ لَا عَنْهُ وَعَنْ الْأَصْغَرِ بَصْرِيٌّ.

.باب النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتُهَا:

قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا قَبْلَهَا لَا عَنْهَا أَوْ تَقْدِيمُهَا عَقِبَ الْمِيَاهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِهَذَا الصَّنِيعِ وَجْهًا أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ إزَالَتَهَا لَمَّا كَانَتْ شَرْطًا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى مَا مَرَّ وَكَانَ لَابُدَّ فِي بَعْضِهَا مِنْ تُرَابِ التَّيَمُّمِ كَانَتْ آخِذَةً طَرَفًا مِمَّا قَبْلَهَا وَمِمَّا بَعْدَهَا فَتَوَسَّطَتْ بَيْنَهُمَا إشَارَةً لِذَلِكَ (هِيَ) لُغَةً الْمُسْتَقْذَرُ وَشَرْعًا بِالْحَدِّ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَحُدَّتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مُرَاجَعَتِهِ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَعِزَّةِ أَكْثَرِهَا وَبِالْعَدِّ وَسَلَكَهُ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا بِهِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ أَوْ تَكْمُلُ بِالطَّهَارَةِ وَإِلَى أَنَّ مَا عَدَا مَا ذَكَرَهُ وَنَحْوَهُ طَاهِرٌ (كُلُّ مُسْكِرٍ) أَيْ صَالِحٍ لِلْإِسْكَارِ فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ مِنْ الْمُسْكِرِ وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ الْمُغَطِّي لِلْعَقْلِ لَا ذُو الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ لِقَوْلِهِمْ (مَائِعٍ) كَخَمْرٍ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْعِنَبِ، وَنَبِيذٍ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهَا رِجْسًا وَهُوَ شَرْعًا النَّجَسُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَجَاسَةُ مَا بَعْدَهَا فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ النَّجَسَ إمَّا مَجَازٌ فِيهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ جَائِزٌ وَعَلَى امْتِنَاعِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ هُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ حَقِيقَةٌ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ وَاسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ جَائِزٌ اسْتِغْنَاءً بِالْقَرِينَةِ كَمَا فِي الْآيَةِ فَانْدَفَعَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ نَحْوُ الْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ وَالْأَفْيُونِ وَجَوْزَةِ الطِّيبِ وَكَثِيرِ الْعَنْبَرِ وَالزَّعْفَرَانِ فَهَذِهِ كُلُّهَا مُسْكِرَةٌ لَكِنَّهَا جَامِدَةٌ فَكَانَتْ طَاهِرَةً وَالْمُرَادُ بِالْإِسْكَارِ هُنَا الَّذِي وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فِي نَحْوِ الْحَشِيشِ مُجَرَّدُ تَغْيِيبِ الْعَقْلِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا مُخَدِّرَةٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَمَا ذَكَرَتْهُ فِي الْجَوْزَةِ مِنْ أَنَّهَا مُسْكِرَةٌ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَأَنَّهَا حَرَامٌ صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ جَامِدُ الْخَمْرِ وَدُرْدِيُّهُ وَلَا ذَائِبُ نَحْوِ حَشِيشٍ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا (وَكَلْبٌ) لِلْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا مَعَ التَّعْفِيرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَبُّدِ إلَّا لِدَلِيلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ (وَخِنْزِيرٌ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ بِحَالٍ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْحَشَرَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ.
الشَّرْحُ:
(باب النَّجَاسَةِ):
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَةُ إزَالَتِهَا لَهُمَا وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ.
(قَوْلُهُ مُسْتَقْذَرٌ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ اعْتِبَارُ الِاسْتِقْذَارِ فِيهَا يُنَاقِضُ اعْتِبَارَ عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا إلَى أَنْ قَالَ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا إلَخْ وَنَفْيُهُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ) فِي هَذَا التَّفْرِيعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْإِسْكَارِ فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُزَادَ عَقِبَ قَوْلِهِ صَالِحٍ لِلْإِسْكَارِ، قَوْلُهُ وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِمِثْلِهِ أَوْ يَقُولُ مُسْكِرٌ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ.
(قَوْلُهُ هُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ النَّجَسِ وَغَيْرِهِ مَجَازًا فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ، وَأَيُّ قَرِينَةٍ لِذَلِكَ وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ الرَّاجِعَ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ وَأَيُّ قَرِينَةٍ لِذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَأَيُّ انْدِفَاعٍ لِمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا مَعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَعَجَّبَ.
(قَوْلُهُ وَكَثِيرُ الْعَنْبَرِ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْكَثِيرِ هُنَا وَتَرْكَهُ فِيمَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ) أَمَّا إذَا صَارَتْ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَةِ الْبُوظَةِ وَزَعْمُ طَهَارَتِهَا لَمْ يَصْدُرْ عَنْ تَأَمُّلٍ صَحِيحٍ وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ.